الجمعة، 24 مارس 2023

مجمع فلس وربع طويريج

مجمع فلس وربع طويريج

قولي أحبك وضمني للكاتبة/مناوي والقلب ضاوي ( مكتملة ),ركن الفراسه (سيراميك _بورسلان_حجر_موزاييك_قص درج)

Web‎فلس وربع‎ is at ‎طويريج حي ابو جوعانه‎. 24 March· Al Hindiyah, Iraq· ��كًلُ مًاّهْوٰ ّجٌدُيِدّ����فًيُ مجمع فلس وربع نفاظة ارنب ���� السعر دينار فقط ������ ��تِتُوّفُرً خُدِمّهً تِوّصٌيْلّ �� ��عِنّ طِرًيّق Webمجمع البيت الانيق تسوق وبيع بالتجزئة اشك هوم اهتمام مجمع جنة الاسعار طويريج مستلزمات منزلية مجمع فلس ونص للألبسة ملابس (علامة تجارية) كنتاكي لاند الهندية مطعم طعام سريع ازياء ابو مصطفى ملابس (علامة تجارية) الانسه21 اهتمام مجمع بسم لله Web٣٫١ ألف views, ٨٤ likes, ٠ loves, ٨ comments, ٠ shares, Facebook Watch Videos from فلس وربع: 刺كًلُ مًاّهْوٰ ّجٌدُيِدّ刺刺فًيُ مجمع فلس وربع 刺 刺刺 وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ Web‎فلس وربع‎ is at ‎طويريج حي ابو جوعانه‎. 16 March· Al Hindiyah, Iraq· ��كًلُ مًاّهْوٰ ّجٌدُيِدّ����فًيُ مجمع فلس وربع �� ملاعق نوتيلا���� السعر 1, دينار فقط ��تِتُوّفُرً خُدِمّهً تِوّصٌيْلّ �� ��عِنّ طِرًيّق Web‎فلس وربع‎ je na mjestu ‎طويريج حي ابو جوعانه‎. mart· Al Hindiyah, Iraq· ��كًلُ مًاّهْوٰ ّجٌدُيِدّ����فًيُ مجمع فلس وربع نفاظة ارنب ���� السعر دينار فقط ������ ��تِتُوّفُرً خُدِمّهً تِوّصٌيْلّ �� ... read more




وفي "الشهاب": في هذه اللفظة أعني ﴿لَا جَرَمَ﴾ خلاف بين النحاة، فذهب الخليل وسيبويه والجمهور إلى أن ﴿جرم﴾ اسم مركب مع ﴿لا﴾ تركيب خمسة عشر، وبعد التركيب صار معناها معنى فعلٍ، وهو حق، وما بعدها مرتفع بالفاعلية بمجموع لا جرم لتأويله بالفعل، أو بمصدر قائم مقامه، وهو حقًّا على ما ذكره أبو البقاء، وقيل: هو مركب أيضًا - كلا رجل - وما بعدها خبر، ومعناها لا محالة ولا بد، وقيل: إنه على تقدير جارٍّ؛ أي: من أن الله إلخ انتهى. وقيل: إن لا نافية لكلام مقدر تكلم به الكفرة، وجرم بمعنى حق ووجب اهـ: "زاده"، وقد تقدم لها مزيد بسط في سورة هود فراجعه. التصريف ومفردات اللغة ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾ ؛ أي: قرب ودنا، ويقال في مجرى العادة لما يجب وقوعه: قد أتى وقد وقع، فيقال لمن طلب مساعدة حان مجيؤها: جاءك الغوث، و ﴿أَمْرُ اللَّهِ﴾ : عذابه للكافرين أو يوم القيامة. يقال: نطف رأسه ماء؛ أي: قطر وقيل هي الماء الصافي، ويعبر بها عن ماء الرجل، اهـ "سمين". وفي "المصباح" نطف ١ الماء ينطف - من باب قتل - سال، وقال أبو زيد: نطفت القربة تنطف وتنطف نطفانًا إذا قطرت، والنطفة ماء الرجل والمرأة، وجمعها نطف ونطاف، مثل برمة وبرم وبرام، والنطفة أيضًا الماء الصافي قل أو كثر، ولا فعل للنطفة؛ أي: لا يستعمل لها فعل من لفظها اهـ.


وفي "المختار": أن نطف من باب قتل وضرب اهـ، والمراد ٢ بالنطفة هنا مادة التلقيح. الدفءُ: السخانة، والمراد به هنا ما يستدفأ به من الأكسية المتخذة من أصوافها وأوبارها وأشعارها. ومباركها، يقال أراح الماشية إذا ردها إلى المراح بضم الميم، وهو موضع إراحة الإبل والبقر والغنم. لبست الحلي، وجمعه حليٌّ، والأصل على فعول مثل فلس وفلوس، والحلية بالكسر الصفة، والجمع حلي مقصورًا، وتضم الحاء وتكسر، وحلية السيف زينته، قال ابن فارس: ولا تجمع، وتحلت المرأة لبست الحلي واتخذته، وحليتها بالتشديد ألبستها الحلي واتخذته لها لتلبسه، وحليت السويق جعلت فيه شيئًا حلوًا حتى حلا اهـ. بصدرها، ومخر السفينة شقها الماء بصدرها، قال الجوهري: مخر السابح إذا شق الماء بصدره، ومخر الأرض شقها للزراعة، قال ابن جرير: المخر في اللغة صوت هبوب الريح ولم يقيد بكونه في ماء اهـ.


وفي "المختار": مخرت السفينة من باب قطع ودخل إذا جرت تشق الماء مع صوت، ومنه قوله تعالى: ﴿وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ﴾ ؛ أي: جواري. البلاغة وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع: فمنها: التعبير عن المستقبل بلفظ الماضي في قوله: ﴿أَتَى أَمْرُ اللَّهِ﴾ إشعارًا بتحقق وقوعه. ومنها: الالتفات من الخطاب في قوله: ﴿فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾ إلى الغيبة في قوله: ﴿عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ تحقيرًا لشأنهم وحطًّا لدرجتهم عن رتبة الخطاب. ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: ﴿بِالرُّوحِ﴾ حيث شبه الوحي بمعنى الموحى به الذي من جملة التوحيد بالروح، بجامع أن الروح به إحياء الجسد، والوحي به إحياء القلوب من الجهالات، فاستعير له لفظ الروح على طريقة الاستعارة التصريحية.


ومنها: الالتفات من الغيبة في قوله: ﴿عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ إلى الخطاب في قوله: ﴿فَاتَّقُونِ﴾ مخاطبةً لهم بما هو المقصود، وإيماء إلى أن التقوى هي المقصود من الإنذار. ومنها: التعبير بآخر الأمر عن أوله في قوله: ﴿فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ﴾ ويسمى مجاز الأول كقوله: ﴿إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا﴾. ومنها: الالتفات من الغيبة في قوله: ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ﴾ إلى الخطاب في قوله: ﴿خَلَقَهَا لَكُمْ﴾ فيقضي أن المخاطب مطلق بني آدم، المندرجين تحت الإنسان تأمل. ومنها: عطف العام على الخاص في قوله: ﴿وَمَنَافِعُ﴾.


ومنها: القصر في قوله: ﴿وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ﴾ فيكون القصر فيه إضافيًّا إلى سائر الحيوانات، حتى لا ينتقض بمثل الخبز ونحوه من المأكولات المعتادة. ومنها: الطباق بين: ﴿تُرِيحُونَ﴾ ﴿تَسْرَحُونَ﴾. ومنها: صفة المبالغة في قوله: ﴿خَصِيمٌ مُبِينٌ﴾. ومنها: جمع المؤكدات في قوله: ﴿إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾. ومنها: الإسناد إلى العام في قوله: ﴿وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ﴾ ؛ أي: الأنعام مرادًا به الخاص وهو الإبل. ومنها: المجاز في قوله: ﴿إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ﴾ لأنه حقيقة في النصف والجانب، فاستعير للمشقة والتعب، كما تقول: لن تناله إلا بقطعة من كبدك على المجاز. ومنها: الإجمال بعد التفصيل في قوله: ﴿وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾. ومنها: المجاز في قوله: ﴿وَمِنْهُ شَجَرٌ﴾ لأن المراد بالشجر هنا مطلق النبات سواء كان له ساق أْم لا، وهو حقيقة فيما كان له ساق. ومنها: التعميم بعد التخصيص في قوله: ﴿وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ﴾. ومنها: الإسناد العقلي في قوله: ﴿قَصْدُ السَّبِيلِ﴾ لما فيه من إسناد حال السالك وهو القصد إلى السبيل، كأنه يقصد الوجه الذي يؤمه السالك لا يعدل عنه، كما ذكره في "روح البيان". ومنها: تنكير ماء في قوله: ﴿مِنَ السَّمَاءِ مَاءً﴾ للدلالة على التبعيض، أي: بعض الماء، فإنه لم ينزل من السماء الماء كله.


ومنها: الطباق بين: ﴿اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾ في قوله: ﴿وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ﴾. ومنها: التفنن في قوله: ﴿لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ ، وفي قوله: ﴿لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ ، وفي قوله: ﴿لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ﴾ كما مر في مبحث التفسير. ومنها: التلويح في قوله: ﴿لَحْمًا طَرِيًّا﴾ المراد به السمك، عبر عنه باللحم مع كونه حيوانًا، للتلويح بانحصار الانتفاع به في الأكل كما في "الإرشاد"، وللإيذان بعدم احتياجه للذبح كسائر الحيوانات غير الجراد. ومنها: الإسناد المجازي في قوله: ﴿حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا﴾ ؛ أي: يلبسها نساؤكم لكم، فهي حلية لكم، بهذا الاعتبار كذا قالوا. ومنها: الاستعارة التصريحية التبعية في قوله: ﴿وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ﴾ لأن الإلقاء حقيقة في الرمي والطرح، فاستعاره للخلق والوضع والجعل، فكان الجبال الرواسي حصيات قبضهن قابض بيده فنبذهن في الأرض، فهو تصوير لعظمته وتمثيل لقدرته، وإن كل عسير فهو عليه يسير.


ومنها: الاستعارة التبعية في قوله: ﴿وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ ، وقوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ لأن لعل فيهما مستعار لمعنى الإرادة كما في "روح البيان". ومنها: الإلتفات من الخطاب إلى الغيبة في قوله: ﴿وبالنجم هم يهتدون﴾ لإفهام العموم لئلا يظن أن المخاطب مخصوص وليس كذلك، والمعنى: بالنجم هم؛ أي: أهل الأرض كلهم لا خصوص قريش. ومنها: التشبيه المقلوب في قوله: ﴿أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ﴾ لأن حق العبارة أن يقال أفمن لا يخلق كمن يخلق. ومنها: الاستفهام الإنكاري فيه. ومنها: الاستفهام التوبيخي في قوله: ﴿أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾. ومنها: جمع المؤكدات وصفة المبالغة في قوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ﴾. ومنها: الإطناب في قوله: ﴿أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ﴾ تأكيدًا لسفاهة من عبد الأصنام، ومثله: ﴿لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾. ومنها: الطباق بين ﴿تُسِرُّونَ﴾ و ﴿تُعْلِنُونَ﴾. ومنها: طباق السلب في قوله: ﴿أفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لَا يَخْلُقُ﴾.


ومنها: الجناس الناقص في قوله: ﴿لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ﴾. ومنها: الحذف والزيادة في عدة مواضع. المناسبة قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ٢٤ الآيات، مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر دلائل ١ التوحيد، ونصب البراهين الواضحة على بطلان عبادة الأصنام.. أردف ذلك بذكر شبهات من أنكروا النبوة مع الجواب عنها، وبين أنهم ليسوا ببدع في هذه المقالة، فقد سبقتهم أمم قبلهم، فأخذهم الله تعالى أخذ عزيز مقتدر، فأهلكهم في الدنيا، وسيخزيهم يوم القيامة بما فعلوا، ثم ذكر أنهم حين يشاهدون العذاب يستسلمون ويقولون ما كنا نعمل من سوء، ولكن الله عليم بهم وبما فعلوا، ولا مثوى لأمثال هؤلاء المتكبرين إلا جهنم وبئس المثوى هي. قوله تعالى: ﴿وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ أردف ذلك بوصف المؤمنين الذين إذا سئلوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرًا، وذكر ما أعده لهم من الخير والسعادة في جنات تجري من تحتها الأنهار جزاءً وفاقًا لما أحسنوا من العمل، وأتوا به من جميل الصنع.


قوله تعالى: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ الآية، مناسبة هذه الآية لما قبلها ٣ : أنه تعالى لما ذكر طعن الكفار في القرآن بقولهم أساطير الأولين، ثم أتبع ذلك بوعيدهم وتهديدهم، ثم وَعَدَ من وصف القرآن بالخيرية.. بين أن أولئك الكفرة لا يرتدعون من حالهم إلا أن تأتيهم الملائكة بالتهديد، أو أمر الله بعذاب الاستئصال. وعبارة "المراغي" هنا: مناسبة هذه الآية: أن الله سبحانه وتعالى لما ذكر ١ المراغي. طعن المشركين في القرآن بنحو قولهم إنه أساطير الأولين، وإنه قول شاعر، ثم هددهم بضروب من التهديد والوعيد، ثم أتبعه بالوعد بالثواب لمن صدق به.. قفى على ذلك ببيان أن الكفار لا يزدجرون عن أباطيلهم إلا إذا جاءتهم الملائكة قابضة أرواحهم، أو يأتيهم عذاب الاستئصال، فلا يبقى منهم أحدًا، ثم أتبعه ببيان أن هؤلاء ليسوا ببدع في الأمم، فقد فعل من قبلهم مثل فعلهم، فأصابهم الهلاك جزاء ما فعلوا، وما ظلمهم الله ولكن هم قد ظلموا أنفسهم: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾.


قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا قفى على ذلك ببيان أنهم طعنوا في إرسال الأنبياء جملة، وقالوا إنا مجبورون على أعمالنا فلا فائدة من إرسالهم، فلو شاء الله أن نؤمن به ولا نشرك به شيئًا ونحل ما أحله ولا نحرم شيئًا مما حرمنا لكان الأمر كما أراد، لكنه لم يشأ إلا ما نحن عليه، فما يقوله الرسل إنما هو من تلقاء أنفسهم، لا من عند الله تعالى. وقد رد الله عليهم مقالهم، بأنه كلام قد سبق بمثله المكذبون من الأمم السالفة، وما على الرسل إلا التبليغ، وليس عليهم الهداية، ولم يترك الله أمةً دون أن يرسل إليها هاديًا يأمر بعبادته، وينهاهم عن الضلال والشرك، فمنهم من استجاب دعوته، ومنهم من أضلَّه الله على علم، فحقت عليهم كلمة ربك، وأخذهم أخذ عزيز مقتدر، ثم أمرهم بالضرب في الأرض ليروا آثار أولئك المكذبين، الذين أخذوا بذنوبهم، ثم ذكر رسوله بأن الحرص على إيمانهم لا ينفعك شيئًا، فإن الله لا يخلق الهداية جبرًا وقسرًا فيمن يختار الضلالة لنفسه، ١ المراغي.


كما لا يجد أحدًا يدفع عنه بأس الله ونقمته. قوله تعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ أردف هذا بشبهة أخرى لهم، إذ قالوا إنما نحتاج إلى الأنبياء لو كان لنا عودة إلى حياة جديدة بعد الموت فيها ثواب وعقاب، ولكن العودة إلى حياة أخرى غير ممكنة ولا معقولة، ذاك أن الجسم إذا تفرق وذهبت أجزاؤه كل مذهب.. امتنع أن يعود بعينه ليحاسب ويعاقب، فرد الله عليهم ما قالوا بأن هذا ممكن وقد وعد عليه وعدًا حقًّا، وأنه فعل ذلك ليميز الخبيث من الطيب، والعاصي من المطيع، وأيضًا فإيجاده تعالى للأشياء لا يتوقف على سبق مادة ولا آلةٍ، بل يقع ذلك بمحض قدرته ومشيئته، وليس لقدرته دافعٌ ولا مانعٌ. أسباب النزول قوله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ٢٤ ﴾ الآية، قيل سبب نزولها ٢ : أن النضر بن الحارث سافر من مكة إلى الحيرة، وكان قد اتخذ كتب التواريخ والأمثال، فجاء إلى مكة فكان يقول إنما يحدث محمد بأساطير الأولين، وحديثي أجمل من حديثه فنزلت الآية.


قوله تعالى: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ والذي أرجوه بعد الموت إنه لكذا وكذا، فقال له المشرك: إنك لتزعم أنك تبعث من بعد الموت، وأقسم جهد يمينه لا يبعث الله من يموت، فأنزل الله: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ وأخرج ١ هؤلاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - ﷺ -: "قال الله: سبَّني ابن آدم، ولم يكن ينبغي له أن يسبني، وكذبني ولم يكن ينبغي له أن يكذبني، فأما تكذيبه إياي فقال: ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ﴾ ، وقلت: ﴿بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا﴾ ، وأما سبه إياي فقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ﴾ ، وقلت: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١ اللَّهُ الصَّمَدُ ٢ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ٣ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ٤ ﴾. التفسير وأوجه القراءة ٢٤ - ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾ روي أنه اجتمعت ٢ قريش فقالوا: إن محمدًا رجل حلو اللسان، إذا كلم رجلًا..


ذهب بقلبه، فانظروا ناسًا من أشرافكم، فابعثوهم في كل طريق مكة على رأس ليلة أو ليلتين، فمن جاء يريده.. ردوه عنه، فخرج ناس منهم من كل طريق، فكان إذا جاء وافد من القوم ينظر ما يقول محمد فنزل بهم.. قالوا له: هو رجل كذاب ما يتبعه إلا السفهاء والعبيد، ومن لا خير فيه، وأما أشياخ قومه وأخيارهم فهم مفارقوه، فيرجعه أحدهم، وإذا كان الوافد ممن هداه الله.. يقول: بئس الوافد أنا لقومي إن كنت جئت حتى إذا بلغت مسيرة يوم.. رجعت قبل أن ألقى هذا الرجل فأنظر ما يقول، فيدخل مكة فيلقى المؤمنين فيسألهم ما يقول لهم فيقولون خيرًا، فذلك قوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ﴾ ؛ أي: لهؤلاء المشركين المستكبرين المقتسمين طرق مكة من قبل الوفود، أو وفود الحاج في الموسم. الْأَوَّلِينَ}؛ أي: هذا الذي تذكرون أنه منزل من ربكم على محمد هو أساطير الأولين؛ أي: أحاديث الأمم الماضية وأخبارهم العاطلة، وأكاذيبهم الباطلة، التي غرر بهم الناس واستمال قلوبهم بها، وليس من الإنزال في شيء، وليس فيه شيء من العلوم والحقائق.


وقرأ الجمهور ١ : برفع ﴿أَسَاطِيرُ﴾ فاحتمل أن يكون التقدير: المذكور أساطير أو المنزل أساطير، وقرىء شاذًا: ﴿أساطير﴾ بالنصب على معنى ذكرتم أساطير، أو أنزل أساطير، على سبيل التهكم والسخرية؛ لأن التصديق بالإنزال ينافي أساطير، وهم يعتقدون أنه ما نزل شي، ولا أنَّ ثم منزلٌ. والمعنى: أي ٢ وإذا قيل لهؤلاء الذين لا يؤمنون بالآخرة من المشركين أي شيء أنزله ربكم؟ قالوا: لم ينزل شيئًا إنما الذي يتلى علينا أساطير الأولين؛ أي: هو مأخوذ من كتب المتقدمين، ونحو الآية قوله حكاية عنهم: ﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا ٥ ﴾ وكانوا يفترون على الرسول - ﷺ - أقوالًا مختلفة، فتارة يقولون: إنه ساحرٌ، وأخرى إنه شاعر أو كاهن، وثالثة إنه مجنون، ثم قر قرارهم على ما اختلقه زعيمهم الوليد بن المغيرة المخزومي كما حكى عنه الكتاب الكريم: ﴿إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ ١٨ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ١٩ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ٢٠ ثُمَّ نَظَرَ ٢١ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ٢٢ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ ٢٣ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ ٢٤ ﴾ ؛ أي: ينقل ويحكى، فتفرقوا معتقدين صحة قوله، وصدق رأيه، قبحهم الله تعالى.


وكان المشركون يقتسمون مداخل مكة، ينفرون عن رسول الله - ﷺ -، إذا سألهم وفود الحاج يقولون هذه المقالة، ٢٥ - ثم بين عاقبة أمرهم فقال: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ﴾ ؛ أي: قالوا ٣ هذه المقالة لكي يحملوا أوزارهم وآثامهم الخاصة بهم، وهي أوزار ضلالهم ﴿كَامِلَةً﴾ لم يكفر منها شيءٌ بمصيبة أصابتهم في الدنيا، ١ البحر المحيط. لعدم إسلامهم الذي هو سبب لتكفير الذنوب، كما يكفر بها أوزار المؤمنين، فإن ذنوبهم تكفر عنه من الصلاة إلى الصلاة، من رمضان إلى رمضان، ومن الحج إلى الحج، وتكفر بالشدائد والمصائب؛ أي: المكروهات من الآلام والأسقام، والقحط حتى خدش العود وعثرة القدم، ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾ ظرف ليحملوا، فاللام ١ في قوله: ﴿لِيَحْمِلُوا﴾ للتعليل كما فسرنا، وقيل إن اللام هي لام العاقبة؛ لأنهم لم يصفوا القرآن بكونه أساطير لأجل أن يحملوا الأوزار، ولكن لما كان عاقبتهم ذلك حسن التعليل به، كقوله: ﴿لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ ، وقيل هي لام الأمر والأوزار جمع وزرٍ: الآثام. قال الإِمام الرازي: وقوله: ﴿كَامِلَةً﴾ يدل ٢ على أنه سبحانه وتعالى قد يسقط بعض العقاب عن المؤمنين، إذ لو كان هذا المعنى حاصلًا في حق الكل..


لم يكن لتخصيص هؤلاء الكفاء بهذا التكميل فائدة، ﴿و﴾ ليحملوا ﴿من أوزار الذين يضلونهم﴾ ؛ أي ٣ : بعض أوزار من ضل بإضلالهم، وهو وزر الإضلال والتسبب للضلال؛ لأنهما شريكان، هذا يضله وهذا يطاوعه، فيتحاملان الوزر، وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أن رسول الله - ﷺ - قال: "من دعا إلى هدى.. كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، ومن دعا إلى ضلالة.. كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا" أخرجه مسلم، ومعنى الآية والحديث ٤ : أن الرئيس أو الكبير إذا سنَّ سنة حسنة أو قبيحة فتبعه عليها جماعة، فعملوا بها.. فإن الله سبحانه وتعالى يعظم ثوابه أو عقابه، حتى يكونه ذلك الثواب أو العقاب الذي يستحقه الأتباع إلى الرؤساء، لأن ذلك ليس بعدلٍ، ويدل عليه قوله تعالى: ﴿أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى ٣٨ ﴾ ، وقوله: ﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى ٣٩ ﴾.


قال الواحديُّ: ولفظة ﴿مِنْ﴾ ٥ في قوله: ﴿وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ﴾ ١ الشوكاني. ليست للتبعيض؛ لأنها لو كانت للتبعيض لنقص عن الأتباع بعض الأوزار، وذلك غير جائز لقوله عليه الصلاة والسلام: "لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا"، ولكنها للجنس؛ أي: وليحملوا من جنس أوزار الأتباع. وقوله: ﴿بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ حال من الفاعل؛ أي: يضلونهم غير عالمين بأن ما يدعون إليه طريق الضلال، وبما يستحقونه من العذاب الشديد في مقابلة الإضلال، أو من المفعول؛ أي: يضلون من لا يعلم أنهم ضلالٌ. وفائدة ١ التقييد بهذا الإشعار بأن مكرهم لا يروج عند ذوي لب، وإنما يتبعهم الأغبياء، والتنبيه على أن جهلهم ذلك لا يكون عذرًا، إذ كان يجب عليهم أن يبحثوا ويميزوا بين المحق الحقيق بالاتباع وبين المبطل، ﴿أَلَا﴾ حرف تنبيه ﴿سَاءَ﴾ من أفعال الذم بمعنى بئس، والضمير الذي فيه يجب أن يكون مبهمًا يفسره ﴿مَا يَزِرُونَ﴾ والمخصوص بالذم محذوف؛ أي: بئس شيئًا يزرونه؛ أي: يحملونه، والمخصوص بالذم فعلهم ففيه وعيدٌ وتهديد لهم.


واعلم: أنه لا يحمل أحدٌ وزر أحد، إذ كل نفس تحمل ما اكتسب هي، لا ما كسبت غيرها، إذ ليس ذلك من مقتضى الحكمة الإلهية، وأما حمل وزر الإضلال فهو حمل وزر نفس؛ لأنه مضاف إليه لا إلى غيره، فعلى العاقل أن يجتنب من الضلال والإضلال في أمور الشريعة، فمن حمل القرآن على الأساطير، ودعا الناس إلى القول بها، فقد ضل وأضل، وكذا في جميع أمور الشريعة. عليهم كما عاد مكر من قبلهم على أنفسهم. قال في "المدارك": الجمهور عل أن المراد به - نمروذ بن كنعان - وكان من أكبر ملوك أهل الأرض في زمن إبراهيم عليه السلام، حين بنى الصرح ببابل، وكان قصرًا عظيمًا طوله خمسة آلاف ذراع، وعرضه فرسخان ليقاتل عليه من في السماء بزعمه، ويطلع على إله إبراهيم عليه السلام، فهبت ريح فقصفت وألقت رأسه في البحر، وخر عليهم الباقي فأهلكهم وهم تحته، ولما سقط تبلبلت ألسنة الناس من الفزع، فتكلموا يومئذ بثلاثة وسبعين لسانًا، فلذلك سميت بابل، وكان لسان الناس قبل ذلك السريانية، وهذا قول مردود؛ لأن التبلبل يوجب الاختلاط والتكلم بشيء غير مستقيم، فأما أن يوجب إحداث لغات مضبوطة الحواشي فباطل، وإنما اللغات تعليم من الله تعالى.


قلت ١ : هكذا ذكره البغوي، وفي هذا نظر؛ لأن صالحًا عليه السلام كان قبلهم، وكان يتكلم بالعربية، وكان أهل اليمن عربًا منهم جرهم، الذي نشأ إسماعيل بينهم، وتعلم منهم العربية، وكانت قبائل من العرب قديمة قبل إبراهيم عليه السلام، مثل طسم وجديس وكل هؤلاء عرب تكلموا في قديم الزمان بالعربية، ويدل على صحة هذا قوله: ﴿وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾ الله أعلم، وقيل حمل قوله: ﴿قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ على العموم أولى، فتكون الآية عامة في جميع الماكرين المبطلين، الذين يحاولون إلحاق الضرر والمكر بالغير. هذا ٢ إذا حملنا تفسير الآية على القول الأول، وهو ظاهر اللفظ، وإن حملنا تفسير الآية على القول الثاني، وهو حملها على العموم.. كان المعنى أنهم لما رتبوا منصوبات ليمكروا بها أنبياء الله تعالى، وأهل الحق من عباده.. أهلكهم الله تعالى، وجعل هلاكهم مثل هلاك قوم بنوا بنيانًا شديدًا ودعموه، فانهدم ذلك البنيان وسقط عليهم سقف بنيانهم، فأهلكهم، شبهت حال أولئك الماكرين في تسويتهم المكايد، وإبطاله تعالى تلك الحيل، وجعله تعالى إياها أسبابًا لهلاكهم، بحال قوم بنوا بنيانًا وعمدوه بالأساطين، فضعضعت تلك الأساطين، فسقط عليهم السقف، فهلكوا، فو مثل ضربه الله تعالى لمن مكر بآخر فأهلكه الله بمكره، ومنه المثل السائر على ألسنة الناس: من حفر لأخيه قليبًا وقع فيه قريبًا.


والمعنى: أن هؤلاء الماكرين القائلين للقرآن العظيم أساطير الأولين سيأتيهم في الدنيا من العذاب مثل ما أتاهم، من جهة لا تخطر ببالهم. وخلاصة ذلك: أن الله تعالى أحبط أعمالهم، وجعلها وبالًا عليهم ونقمة لهم. وقرأ الجمهور ١ : ﴿بُنْيَانَهُمْ﴾ ، وقرأت فرقة ﴿بنْيَتُهم﴾ وقرأ جعفر: ﴿بَيْتهُم﴾ والضحاك: ﴿بيوتهم﴾ ، وقرأ الجمهور: ﴿السَّقْفُ﴾ مفردًا، والأعرج ﴿السقف﴾ بضمتين، وزيد بن علي ومجاهد بضم السين فقط، وتقدم توجيه مثل هاتين القراءتين في: ﴿وبالنجم﴾ ، وقرأت فرقة ﴿السَّقُف﴾ بفتح السين وضم القاف، وهي لغة في السقف ولعل السقف مخفف منه، ولكنه كثر استعماله، كما قالوا في رجل رجل وهي لغة تميمية. بين حالهم في الآخرة فقال: ﴿ثُمَّ﴾ بعد ما عجل لهم العذاب في الدنيا إن ربك: ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ﴾ ويذلهم ويهينهم بعذاب أليم؛ أي ٢ : يذل أولئك المفترين والماكرين والذين من قبلهم جميعًا بعذاب الخزي على رؤوس الأشهاد. وفيه ٣ إشهار بأن العذاب يحصل لهم في الدنيا والآخرة، لأن الخزي هو العذاب مع الهوان، وأصل الخزي ذل يستحيى منه، وثم لتفاوت ما بين الجزاءين ﴿وَيَقُولُ﴾ لهم حين ورودهم عليه، على سبيل الاستهزاء والسخرية والتوبيخ، والفضيحة لهم، فهو إلى آخره بيان للإخزاء ﴿أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ﴾ تزعمون في الدنيا أنهم شركائي، وكنتم ﴿تُشَاقُّونَ﴾ ؛ أي: تخاصمون الأنبياء والمؤمنين ﴿فِيهِمْ﴾ ؛ أي: في شأنهم، بأنهم شركاء أحقاء، حين بينوا لكم بطلانها، وهلا تحضرونهم اليوم ليدفعوا عنكم ما يحل بكم من العذاب، فقد كنتم تعبدونهم في الدنيا وتتولونهم، والولي ينصر وليه، والمراد من المشاقة فيهم مخاصمة الأنبياء وأتباعهم في شأنهم، وزعمهم أنهم شركاء حقًّا، حين بينوا لهم ذلك، والمراد بالاستفهام عن ذلك الاستهزاء والتبكيت والتوبيخ والاحتقار لشأنهم، إذ كانوا يقولون: إن صح ما تدعون إليه من عذابنا فالأصنام تشفع لنا، والاستفسار عن مكانهم لا يوجب غيبتهم حقيقةً، بل يكفي ذلك عدم حضورهم بالعنوان الذي كانوا يزعمون أنهم متصفون به، من عنوان الإلهية، فليس هناك ١ البحر المحيط.


شركاء ولا أماكنها، والخلاصة أنه لا شركاء ولا أماكن لهم. وقرأ الجمهور ١ : شركائي ممدودًا مهموزًا مفتوح الياء، وقرأت فرقة كذلك تسكنها، فسقط في الدرج لالتقاء الساكنين، والبزي عن ابن كثير بخلاف عنه مقصورًا، وفتح الياء هنا خاصةً بوزن هداي، وروي عنه ترك الهمز في القصص، وقرأ الجمهور ﴿تشاقون﴾ بفتح النون، وقرأ نافع بكسرها، ورويت عن الحسن، ولا يلتفت إلى تضعيف أبي حاتم هذه القراءة، وقرأت فرقة بتشديدها، أدغم نون الرفع في نون الوقاية. ثم ذكر مقال الأنبياء والمرسلين في شأنهم يوم القيامة بقوله: ﴿قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ من أهل الموقف، وهم الأنبياء - صلوات الله عليهم - والمؤمنون الذين أوتوا علمًا بدلائل التوحيد، وكانوا يدعونهم في الدنيا إلى التوحيد، فيجادلونهم ويتكبرون عليهم؛ أي: يقولون توبيخًا لهم وإظهارًا للشماتة بهم ﴿إِنَّ الْخِزْيَ﴾ ؛ أي: الفضيحة والذل والهوان ﴿اليوم﴾ في هذا اليوم، الذي يفصل فيه القضاء، متعلق بالخزي، وإيراده ٢ للإشعار بأنهم كانوا قبل ذلك في عزة وشقاق. أَنْفُسِهِمْ} ومعرضيها للعذاب المخلد، باستمرارهم عل كفرهم واستكبارهم عن طاعة الملك الجبار، وتبديلهم فطرة الله تبديلًا وأي ظلم للنفس أشد من الكفر ١ ، وقرأ حمزة والأعمش: ﴿يتوفاهم﴾ بالياء من أسفل في الموضعين، وقرىء بإدغام تاء المضارعة في التاء بعدها، وفي مصحف عبد الله بتاء واحدة في الموضعين، ذكره في "البحر".


ثم ذكر حالهم حينئذٍ من الخضوع والمذلة فقال: ﴿فَأَلْقَوُا السَّلَمَ﴾ عطف على قوله تعالى: ﴿وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ﴾ والسلم بالتحريك الاستسلام؛ أي: فيلقون الاستسلام والانقياد في الآخرة، حين عاينوا العذاب، ويتركون المشاقة والمخاصمة، وينزلون عما كانوا عليه في الدنيا من التكبر، والعلو وشدة الشكيمة قائلين: ﴿مَا كُنَّا نَعْمَلُ﴾ في الدنيا ﴿مِنْ سُوءٍ﴾ ؛ أي: من شرك، قالوا ذلك منكرين لصدوره عنهم قصدًا لتخليص نفوسهم من العذاب؛ أي: أسلموا ٢ وأقروا لله بالعبودية، حين عاينوا العذاب عند الموت، قائلين ما كنا نشرك بربنا أحدًا، وهم قد كذبوا على ربهم واعتصموا بالباطل رجاء النجاة، ونحو الآية قوله تعالى حكاية عنهم: ﴿وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾.


فالحال مقدرة، وإن أريد مطلق الكون فيها.. فمقارنة، والفاء في قوله ﴿فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾ عن قبول ١ البحر المحيط. التوحيد، وسائر ما أتت به الأنبياء، عاطفة على فاء التعقيب، واللام للتأكيد تجري مجرى القسم، والمثوى المنزل والمقام والمخصوص بالذم محذوف، وهو جهنم؛ أي: فوالله لبئس وقبح مثوى المتكبرين عن توحيد الله، وطاعة الرسل، والمخصوص بالذم جهنم؛ أي: فلبئس ١ المقيل والمقام دار الذل والهوان، لمن كان متكبرًا عن اتباع الرسل، والاهتداء بالآيات التي أنزلت عليهم، وما أفظعها من دار وصفها ربنا بقوله: ﴿لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا﴾. وذكرهم بعنوان ٢ التكبر للإشعار بعلته لثوابهم وإقامتهم فيها، والمراد المتكبر عن التوحيد، أو كل متكبر من المشركين والمسلمين. فائدة: قال الشيخ علي السمرقندي في تفسيره المسمى بـ "بحر العلوم": التكبر ينقسم على ثلاثة أقسام: التكبر على الله تعالى، وهو أخبث أنواع الكبر وأقبحها، وما منشأه إلا الجهل المحض، ثم التكبر على الرسل من تعزز النفس، وترفعها عن الانقياد لبشر مثل سائر الناس، وهذا كالتكبر على الله تعالى في الوقاحة واستحقاق العذاب السرمديِّ، والثالث التكبر على العباد، وهو بأن يستعظم نفسه، ويستحقر غيره، فيأبى عن الانقياد لهم، ويدعوه إلى الترفع عليهم، فيزدريهم ويستصغرهم ويستنكف عن مساواتهم، وهو أيضًا قبيح، وصاحبه جاهل كبير يستأهل سخطًا عظيمًا لو لم يتب، وإن كان دون الأولين للدخول تحت عموم قوله: ﴿مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ﴾ ، وأيضًا من تكبر على أحد من عباد الله فقد نازع الله في ردائه وفي صفةٍ من صفاته، قال أبو صالح حمدان بن أحمد القصار - رحمه الله تعالى -: من ظن أن نفسه خيرٌ من نفس فرعون فقد أظهر الكبر.


لم تلقه كان خيرًا لك، فإنه ساحر كاهن كذاب مجنون، فيقول: أنا شر وافد إن رجعت إلى قومي دون أن استطلع أمر محمد وأراه، فيلقرأ صحاب النبي - ﷺ - فيخبرونه بصدقه، فذلك قوله: ﴿وَقِيلَ﴾ ، أي: من طرق الوافدين ﴿لِلَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ عن الكفر والشرك، وهم المؤمنون المخلصون ﴿مَاذَا﴾ ؛ أي: أي شيء، فهو مفعول قوله: ﴿أَنْزَلَ رَبُّكُمْ﴾ ؛ أي: أي شيء أنزل ربكم على محمد - ﷺ -؟ ﴿قَالُوا﴾ ؛ أي: قال المتقون في جواب سؤال الوافد: أنزل ربنا ﴿خَيْرًا﴾. وهو اسم جامع لكل خير ديني ودنيوي وأخروي ظاهري معنوي، وفي تطبيق الجواب بالسؤال إشارة إلى أن الإنزال واقع، وأنه نبي حق، وقرأ زيد بن علي ﴿خَيْرٌ﴾ بالرفع: أي: المُنْزَلُ خيرٌ، كما في "البحر". قال الثعلبي: فإن ١ قيل: لم ارتفع الجواب في قوله: ﴿أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ وانتصب في قوله: ﴿خَيْرًا﴾ ؟ فالجواب أن المشركين لم يؤمنوا بالتنزيل، فكأنهم قالوا: الذي يقوله محمد هو أساطير الأولين، والمؤمنون آمنوا بالنزول فقالوا: أنزل خيرًا اهـ.


والمعنى: أي وقيل للذين خافوا عقاب ربهم: أي شيء أنزله ربكم؟ قالوا: أنزل خيرًا وبركة ورحمة لمن اتبع دينه، وآمن برسوله، وقوله: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا﴾ قيل: هذا من كلام الله عن وجل، وقيل: هو حكاية لكلام الذين اتقوا، فيكون على هذا بدلًا من ﴿خَيْرًا﴾ وعلى الأول يكون كلامًا مستأنفًا مسوقًا للمدح للمتقين. والمعنى: للذين أحسنوا أعمالهم وأخلصوا، وقالوا: لا إله إلا الله محمد رسول الله، فإنه أحسن الحسنات وأسُّ الديانات. المعنى ١ : دار الآخرة خيرٌ من الدنيا على الإطلاق، فإن الآخرة كالجوهر والدنيا كالخزف، وقيمة الجوهر أرفع من قيمة الخزف، بل لا مناسبة بينهما أصلًا. قال بعضهم: إن قلت ٤ هل يجوز للمرء أن يشتهي في الجنة اللواطة، وقد ذهب إليه من لا وقوف له على جلية الحال؟ فالجواب: أن الاشتهاء المذكور مخالف لحكمة الرب الغفور، ولو جاز هو.. لجاز نكاح الأمهات فيها، على تقدير الاشتهاء، وإنه مما لا يستريب عاقل في بطلانه، ألا ترى أن المذكور وكذا الزنى واللواطة والكذب ونحوها، كان حرامًا مؤبدًا في الدنيا في جميع الأديان، لكونه مما لا تقتضي الحكمة حله، بخلاف الخمر ونحوها، ولذا كانت هي أحد الأنهار الجارية فيها، فنسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن لا يستطيب ما استخبثته الطباع السليمة.


وقرأ زيد بن ثابت وأبو عبد الرحمن ٢ : ﴿جنات عدن﴾ بالنصب على الاشتغال؛ أي: يدخلون جنات عدن يدخلونها، وهذه القراءة تقوي إعراب جنات عدن بالرفع على أنه مبتدأ، ويدخلونها الخبر، وقرأ زيد بن عليّ: ﴿ولِنعْمَةُ دارِ﴾ بتاءِ مضمومةٍ، ودارٍ مخفوضٍ بالإضافة، فيكون نعمة مبتدأ وجنات الخبر. وقرأ السلمي: ﴿تدخلونها﴾ بتاء الخطاب، وقرأ إسماعيل بن جعفر عن نافع: ﴿يدخلونها﴾ بياء على الغيبة، والفعل مبني للمفعول، ورويت عن أبي جعفر وشيبة. وقرأ الأعمش وحمزة ٣ : ﴿تَتَوَفَّاهُمُ﴾ في هذا الموضع، وفي الموضع الأول بالياء التحتية، وقرأ الباقون: لمثناة الفوقية، واختار القراءة الأولى أبو عبيد مستدلًا بما روي عن ابن مسعود أنه قال: إن قريشًا زعموا أن الملائكة إناث فذكروهم أنتم. وجملة قوله: ﴿يَقُولُونَ﴾ حالٌ من الملائكة؛ أي: حالة كون الملائكة قائلين لهم على وجه التعظيم والتبشير ﴿سَلَامٌ عَلَيْكُمُ﴾ لا يحيق بكم بعد مكروه، ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ﴾ التي أعدها لكم ربكم، ووعدكموها، والمراد دخولهم له في وقته، ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ ؛ أي: بسبب ٤ ثباتكم على التقوى والطاعة والعمل وإن لم يكن موجبًا للجنة؛ لأن الدخول فيها محض فضل الله إلا أن الباء دلت على أن الدرجات إنما تنال بالأعمال وصدق الأحوال، فإن المراد من دخول ١ المراح.


الجنة إنما هو اقتسام المنازل بحسب الأعمال. وفي "تفسير المراغي": والمراد ١ من قوله: ﴿ادْخُلُوا الْجَنَّةَ﴾ البشارة بالدخول فيها بعد البعث، إذا أريد الدخول بالأرواح والأبدان، فإن أريد الدخول بالأرواح فحسب، كان ذلك حين التوفي كما يشير إليه قوله - ﷺ -: "القبر إما روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار"، أخرج ابن جرير والبيهقي عن محمد بن كعب القرظي قال: "إذا أشرف العبد المؤمن على الموت.. جاءه ملك الموت، فقال: السلام عليك يا وليَّ الله، الله يقرأ عليك السلام، وبشره بالجنة"، ٣٣ - ٣٣ والاستفهام في قوله: ﴿هَلْ يَنْظُرُونَ﴾ إنكاري؛ أي: ما ينتظر كفار مكة الذين قالوا إن القرآن أساطير الأولين ﴿إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ﴾ ، أى: ملك الموت وأعوانه لقبض رواحهم بالتهديد والتعذيب، لمواظبتهم على الأسباب الموجبة له المؤدية إليه، فكأنهم يقصدون إتيانه ويترصدون لوروده، وليس المراد أنهم ينتظرون ذلك حقيقةً لأنهم لا يصدقونه ﴿أَوْ﴾ إلا أن ﴿يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ﴾ ، أي: عذابه في الدنيا المستأصل لهم، كما فعل بأسلافهم من الكفار، فيرسل عليهم الصواعق، أو يخسف بهم الأرض، أو يأتيهم العذاب من حيث لا يشعرون، وهذا تهديد لهم على تماديهم في الباطل واغترارهم بالدنيا.


وخلاصة هذا: حثهم على الإيمان بالله ورسوله، والرجوع إلى الحق قبل أن ينزل بهم ما نزل بمن قبلهم من السالفين المكذبين لرسلهم. وقرأ الأعمش وابن وثاب وحمزة والكسائي وخلف ٢ : ﴿إلا أن يأتيهم الملائكة﴾ بالياء التحتية، وقرأ الباقون بالمثناة الفوقية. ثم ذكر أنهم ليسوا بأول من كذب بالرسل فقال: ﴿كَذَلِكَ﴾ ؛ أي: مثل فعل هؤلاء من الشرك والظلم والتكذيب والاستهزاء ﴿فَعَلَ الَّذِينَ﴾ خلوا ﴿مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ من الأمم فأصابهم العذاب المعجل. أنفُسَهُمْ يَظلِمونَ} بالكفر والمعاصي المؤدية إلى ذلك، فكذبوا الرسل فاستحقوا ما نزل بهم. والمعنى ١ : أي وما ظلمهم الله تعالى بإنزال العذاب بهم؛ لأنه أعذر إليهم، وأقام حججه عليهم بإرسال رسله وإنزال كتبه، ولكن ظلموا أنفسهم بمخالفة الرسل وتكذيبهم ما جاؤوا به. والمعنى: فأصابهم بحكم عدل جزاء سيئات أعمالهم، أو جزاء أعمالهم السيئة، على طريقة تسمية المسبب باسم سببه، إيذانًا بفظاعته، لا على حذف لمضاف، فإنه يوهم أن لهم أعمالًا غير سيئاتهم، ﴿وَحَاقَ بِهِمْ﴾ ؛ أي: أحاط بهم ونزل من الحيق الذي هو إحاطة الشر كما في "القاموس"؛ أي: نزل بهم على وجه الإحاطة.


ما حرمنا من دونه شيئًا من ذلك. والمعنى: ما نعبد هذه الأصنام إلا لأنه قد رضي عبادتنا لها، ولا حرمنا ما ١ المراغي. حرمنا من البحائر والسوائب والوصائل ونحو ذلك إلا لأنه قد رضي ذلك منا، ولو كان كارهًا لما فعلنا.. لهدانا إلى سواء السبيل، أو لعجل لنا العقوبة وما مكننا من عبادتها. والخلاصة ١ : فإشراكنا بالله الأوثان وتحريمنا الأنعام والحرث بمشيئته تعالى، وهو راضٍ بذلك، وحينئذٍ فلا فائدة في مجيئك إلينا، بالأمر والنهي في إرسالك إلينا، وقد رد الله تعالى عليهم شبهتهم بقوله: ﴿كَذَلِكَ﴾ ؛ أي: مثل ذلك الفعل الشنيع ﴿فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾ من الأمم، فأشركوا بالله، وحرموا حله، وعصوا رسله، وجادلوهم بالباطل حين نبهوهم على الخطأ، وهدوهم إلى الحق. واستن هؤلاء سنتهم، وسلكوا سبيلهم في تكذيب الرسول، واتباع أفعال آبائهم الضلال.


ثم بين خطاهم فيما يقولون ويفعلون فقال: ﴿فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ﴾ ؛ أي: فهل ٢ على الرسل الذين أمروا بتبليغ رسالات ربهم، من أمره ونهيه، إلا إبلاغ الرسالة، وإيضاح طريق الحق، وإظهار أحكام الوحي، التي منها أن مشيئة الله تعالى تتعلق بهداية من وجه همته إلى تحصيل الحق، كما قال ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ وليس من وظيفتهم إلجاء الناس إلى الإيمان شاؤوا أو أبوا، فإن ذلك ليس من شأنهم، ولا من الحكمة التي عليها مدار التكليف، حتى يستدل بعدم ظهور آثارها على عدم حقية الرسل أو على عدم تعلق مشيئة الله بذلك. والاستفهام في قوله: ﴿فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ﴾ إنكاري؛ أي: ليست ٣ وظيفتهم إلا تبليغ الرسالة تبليغًا واضحًا، وإطلاع الخلق على بطلان الشرك وقبحه، لا إلجاءهم إلى قبول الحق، وتنفيذ قولهم عليهم شاؤوا أو أبوا. وقصارى ذلك ٤ : أن الثواب والعقاب لا بُدَّ فيهما من أمرين، تعلق مشيئته ١ المراح. تعالى بوقوع أحدهما، وتوجيه همة العبد إلى تحصيل أسبابه، وصرف اختياره إلى الدأب على إيجاده، وإلا كان كل من الثواب والعقاب اضطراريًّا لا اختياريًّا، والرسل ليس من شأنهم إلا تبليغ الأوامر والنواهي، أما العمل بها إلجاء وقسرًا، فليس من وظيفتهم لا في كثير ولا قليل.


قال الزجاج ١ : أعلم الله تعالى أنه بعث الرسل بالأمر بالعبادة، وهو من وراء الإضلال والهداية، ومثل هذه الآية قوله تعالى: ﴿فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ﴾ وفي هذه الآية التصريح بأن الله أمر جميع عباده بعبادته، واجتناب الطاغوت، وأنهم بيع ذلك فريقان: فمنهم من هدى، ومنهم من حقت عليهم الضلالة، فكان في ذلك دليلٌ على أن أمر الله سبحانه لا يستلزم موافقة إرادته، فإنه يأمر الكل بالإيمان، ولا يريد الهداية إلا للبعض، إذ لو أرادها للكل لم يكفر أحد، وهذا معنى ما حكيناه عن الزجاج هنا. وإجمال القول ٢ : أن المشيئة الشرعية للكفر منتفية؛ لأنه تعالى نهاهم عن ذلك على ألسنة رسله، والمشيئة الكونية وهي تمكين عباده من الكفر، وتقديره لهم بحسب اختيارهم وصرف همتهم إلى تحصيل أسبابه، لا حجة لهم فيها، لأنه تعالى خلق النار وجعل أهلها من الشياطين وأهل الكفر، وهو لا يرضى لعباده الكفر، وله في ذلك حجةٌ ناصعةٌ وحكمة بالغة.


ثم بين سبحانه أنه أنكر على عباده المكذبين كفرهم بإنزال العقوبة بهم في الدنيا بعد إنذار الرسل فقال: ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ﴾ ؛ أي: فممن بعثنا فيهم رسلنا من هداه الله، ووفقه لتصديقهم وقبول إرشادهم، والعمل بما جاؤوا به، ففازوا وأفلحوا ونجوا من عذابه، ومنهم من جاروا عن قصد السبيل، فكفروا بالله، وكذبوا وسله، واتبعوا الطاغوت، فأهلكهم بعقابه، وأنزل بهم شديد بأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين. و ﴿الفاء﴾ في قوله: ﴿فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ﴾ فاء الفصيحة؛ أي: إذا عرفتم التفريق المذكور، وأردتم معرفة عاقبة من حقت عليهم الضلالة.. فأقول لكم سيروا وسافروا يا معشر قريش، إذ الكلام معهم في أكناف الأرض ونواحيها ﴿فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ ؛ أي: كيف كان آخر أمر المكذبين لرسلهم، من عاد وثمود، ومن سار بسيرتهم ممن حقت عليهم الضلالة، لعلكم تعتبرون ١ الشوكاني.


حين تشاهدون من منازلهم وديارهم آثار الهلاك والعذاب، وفي الإتيان ١ بالفاء الدالة على التعقيب في قوله: ﴿فَانْظُرُوا﴾ إشارة إلى وجوب المبادرة إلى النظر والاستدلال المؤديين إلى الإقلاع عن الضلال. والمعنى ٢ : أي فسيروا في الأرض التي كان يسكنها القوم الظالمون، والبلاد التي كانوا يعمرونها، كديار عاد وثمود ومن سار سيرتهم، ممن حقت عليهم الضلالة، وانظروا إلى آثار سخطنا عليهم، لعلكم تعتبرون بما حل بهم. ثم خاطب سبحانه رسوله - ﷺ - مسليًا له على ما يراه من جحود قومه، وشديد إعراضهم، ومبالغتهم في عنادهم، مع أسفه عليهم، وعظيم رغبته في إيمانهم، ومبينًا أن الأمر بيد الله، وليس له من الأمر شيءٌ فقال: ﴿إِنْ تَحْرِصْ﴾ يا محمد ﴿عَلَى هُدَاهُمْ﴾ ؛ أي: على هداية قومك؛ أي: إن تطلب هداية قريش بجهدك..


لا ينفعهم حرصك على إيمانهم وهدايتهم، إذا كان الله تعالى يريد إضلالهم بسوء اختيارهم، وتوجيه عزائمهم إلى عمل المعاصي والإشراك بربهم، وجملة قوله: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ﴾ معللة لجواب الشرط الذي قدرناه؛ أي: لأنه تعالى لا يخلق الهداية قسرًا فيمن يخلق فيه الضلالة لسوء اختياره، ﴿وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ ؛ أي: وما لهم ناصرٌ ينصرهم من الله إن إراد عقوبتهم، كما قال: ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ ؛ أي: وليس لهم أحدٌ يعينهم على مطلوبهم في الدنيا والآخرة من دفع العذاب عنهم. ومجمل القول ٣ : أنَّ من اختار الضلالة ووجه همته إلى تحصيل أسبابها، فالله سبحانه لا يخلق فيه الهداية قسرًا وإلجاءً؛ لأن مدار الإيمان والكفر الاختيار لا الإلجاء والاضطرار. بالفتح، وهي لغة الحجاز، وقرأ الحرميان نافع وابن كثير، والعربيان أبو عمرو وابن عامر، والحسن والأعرج ومجاهد وشيبة وشبل ومزاحم الخراساني والعطاردي وابن سيرين: ﴿لَا يَهْدِي﴾ مبنيًّا للمفعول، ومن مفعول لم يسم فاعله، والفاعل في ﴿يُضِلُّ﴾ ضمير الله، والعائد على مَنْ محذوف، تقديره: من يضله الله، وقرأ الكوفيون وابن مسعود وابن المسيب وجماعة: ﴿يَهْدي﴾ مبنيًّا للفاعل، والظاهر أن في يهدي ضميرًا يعود على الله ومن مفعول، وعلى ما حكى الفراء: إن هدى يأتي بمعنى اهتدى، يكون لازمًا، والفاعل من؛ أي: لا يهتدي من يضله، وقرأت فرقة منهم عبد الله: ﴿لا يهدي﴾ بفتح الياء وكسر الهاء والدال، قال ابن عطية: وهي ضعيفة، انتهى.


وإذا ثبت أن هدى لازم بمعنى اهتدى.. لم تكن ضعيفةً؛ لأنه أدخل على اللازم همزة التعدية، فالمعنى لا يجعل مهتديًا من أصله، وفي مصحف أبي: ﴿لا هادي لمن أضلَّ﴾ ، وقال الزمخشري: وفي قراءة أبيٍّ فإن الله لا هادي لمن يضل، ولمن أضل، وقرىء يضل بفتح الياء. فقد حلف جهد يمينه، فإن الكفار كانوا يحلفون بآبائهم وآلهتهم، فإذا كان الأمر عظيمًا.. حلفوا باللهِ تعالى، وهذا عطف على قوله تعالى: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا﴾ إعلامًا بأنهم كما أنكروا التوحيد أنكروا البعث وقوله: ﴿جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ مصدر في موضع الحال وقوله: ﴿لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ﴾ من عباده مقسم عليه؛ أي: حلف ١ هؤلاء المشركون بالله حالة كونهم جاهدين ومبالغين في أيمانهم، حتى بلغوا غاية شدتها ووكادتها، قائلين: لا يبعث الله يوم القيامة من يموت من عباده، فإنهم يجدون في تقولهم أن الشيء إذا صار عدمًا محضًا لا يعود بعينه، بل العائد يكون شيئًا آخر، ولقد رد الله تعالى عليهم أبلغ ردّ بقوله: ﴿بَلَى﴾ إثباتٌ ١ روح البيان.


لما بعد النفي، أي: بلى يبعثهم الله تعالى بعد الموت ﴿وَعْدًا﴾ مصدر مؤكد لنفسه، وهو ما دل عليه بلى، فإن البعث موعد من الله تعالى ﴿عَلَيْهِ﴾ إنجازه لامتناع الخلف في وعده، أو لأن البعث مقتضى حكمته ﴿حَقًّا﴾ صفة أخرى للوعد، والتقدير: بلى يبعثهم الله وعد بذلك وعدًا حقًّا واجبًا عليه إنجازه بمقتضى حكمته، وقيل هما مصدران مؤكدان للجملة المقدرة؛ أي: وعد ١ ذلك وعدًا ثابتًا عليه، وحق ذلك حقًّا، أي: ثبت ذلك ثبوتًا على الله، فينجزه لامتناع الخلف في وعده ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ﴾ ؛ أي: أهل مكة ﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾ أنهم يبعثون، وأن ذلك يسير عليه سبحانه، غير عسير، لقصور نظرهم بالمألوف، فيتوهمون امتناع البعث، ولجهلهم بشؤون الله تعالى، من العلم والقدرة والحكمة وغيرها من صفات الكمال، وعدم وقوفهم على سرِّ التكوين.


وقرأ الضحاك ٢ : ﴿بلى وعد عليه حق﴾ والتقدير: بعثهم وعد عليه حق، وحق صفة لوعد، والمعنى؛ أي: بلى ٣ سيبعثه الله بعد مماته، وقد وعد ذلك وعدًا حقًّا لا بد منه، ولكن أكثر الناس لجهلهم بشؤون الله وصفات كماله، من علم وقدرة وحكمة ونحوها، يعلمون أن وعد الله لا بد من نفاذه، وأنه باعثهم بعد مماتهم يوم القيامة أحياء، ومن قبل هذا جرؤوا على مخالفة الرسل، ووقعوا في الكفر والمعاصي. الطيب، والمطيع من العاصي، والظالم من المظلوم، إلى نحو أولئك ممن كان مدار دعوة الرسل عليه، وأنكرته الأمم الذي أرسلوا إليهم، ويجزي الذين أساؤوا بما علموا، ويجزي الذين أحسنوا بالحسن، وقوله: ﴿وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ معطوف على ﴿لِيُبَيِّنَ﴾ ؛ أي: بلى يبعثهم ليبين لهم الذي يختلفون فيه، وليعلم الذين جحدوا وقوع البعث والجزاء ﴿أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ﴾ في قولهم: لا يبعث الله من يموت، وسيدعون إلى نار جهنم دعا، وتقول لهم الزبانية: ﴿هَذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِهَا تُكَذِّبُونَ ١٤ أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ ١٥ اصْلَوْهَا فَاصْبِرُوا أَوْ لَا تَصْبِرُوا سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّمَا تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ١٦ ﴾ هذا ١ إشارة إلى السبب الداعي إلى البعث المقتضى له، من حيث الحكمة، وهو التمييز بين الحق والباطل، والمحق والمبطل، والثواب والعقاب.


قُلْتُ: التعبير عنه بذلك باعتبار وجوده عند تعلق مشيئته تعالى، لا أنه كان شيئًا قبل ذلك. وفي "التأويلات النجمية": في الآية دلالة على أن المعدوم الذي في علم الله إيجاده شيء، بخلاف المعدوم الذي في علم الله عدمه أبدًا، ﴿إِذَا أَرَدْنَاهُ﴾ ظرف لـ ﴿قَوْلُنَا﴾ ؛ أي: وقت إرادتنا لوجوده ﴿أَنْ نَقُولَ لَهُ﴾ خبر المبتدأ ﴿كُن﴾ ؛ أي: احدث وابرز من العدم إلى الوجود، لأنه من كان التامة بمعني الحدوث التام، ﴿فَيَكُونُ﴾ ذلك الشيء ويحدث، عطف على مقدر؛ أي: فنقول ذلك فيكون، أو جواب لشرط محذوف؛ أي: فإذا قلنا ذلك.. فهو يكون ويحدث عقيب ذلك، وهذا الكلام مجازٌ عن سرعة الإيجاد وسهولته على الله، وليس هناك قول ولا مقول له، ولا آمر ولا مأمور، حتى يقال إنه يلزم أحد ١ روح البيان.


المحالين إما خطاب المعدوم، أو تحصيل الحاصل؛ أي: إذا أردنا وجود شيء فليس إلا أن نقول له احدث فهو يحدث بلا توقف. والمعنى: أي ١ إنا إذا أردنا أن نبعث من يموت. فلا تعب علينا ولا نصب في إحيائه ولا بعثه؛ لأنا إذا أردنا ذلك.. فإنما نقول له كن فيكون، لا معاناة فيه ولا كلفة علينا، ونحو الآية قوله: ﴿فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ ، وقوله: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ ٥٠ ﴾ ، وقوله: ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾. وخلاصة هذا: أنه تعالى مثل حصول المقدورات وفق مشيئته، وسرعة حدوثها حين إرادته سرعة حصول المأمور حين أمر الآمر، وقوله دون هوادة ولا تراخ، ولكن العباد ٢ خوطبوا بذلك على قدر عقولهم، ولو أراد الله خلق الدنيا وما فيها في قدر لمح البصر..


لقدر على ذلك، فالمعنى: إنما إيجادنا لشيء عند تعلق إرادتنا به أن نوجده في أسرع ما يكون، وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وحمزة ﴿فَيَكُونُ﴾ رفعًا، وكذلك في كل القرآن، وقرأ ابن عامر والكسائي: ﴿فيكون﴾ نصبًا، قال مكيٌّ بن إبراهيم: من رفع قطعه عما قبله. والمعنى: فهو يكون، ومن نصب عطفه على يقول. والله أعلم. الإعراب ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ٢٤ لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ٢٥ ﴾. ومجرور صلة الموصول، ﴿فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ﴾ : فعل وفاعل ومفعول، والجملة معطوفة على جملة ﴿مَكَرَ﴾ و ﴿الفاء﴾ للعطف والتعقيب ﴿مِنَ الْقَوَاعِدِ﴾ : جار ومجرور متعلق بـ ﴿أتى﴾ ، ﴿فَخَرَّ﴾ ﴿الفاء﴾ : حرف عطف وتعقيب، ﴿خر﴾ : فعل ماض، ﴿عَلَيْهِمُ﴾ : متعلق به، ﴿السَّقْفُ﴾ : فاعل ﴿مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ : جار ومجرور ومضاف إليه، متعلق بـ ﴿خَرَّ﴾ والجملة الفعلية معطوفة على جملة ﴿أتى﴾. وفاعل ومفعول، والجملة في محل النصب حال من الضمير المستكن في الخبر المحذوف، ﴿تَجْرِي﴾ : فعل مضارع ﴿مِنْ تَحْتِهَا﴾ : متعلق به، ﴿الْأَنْهَارُ﴾ فاعل، وجملة ﴿تَجْرِي﴾ في محل النصب حال من مفعول ﴿يَدْخُلُونَهَا﴾ ﴿لَهُمْ﴾ : جار ومجرور، خبر مقدم ﴿فِيهَا﴾ : جار ومجرور، متعلق بـ لاستقرار الذي تعلق به الخبر، ﴿مَا﴾ اسم موصول في محل الرفع مبتدأ مؤخر، ﴿يَشَاءُونَ﴾ : فعل وفاعل، والجملة صلة الموصول، والعائد محذوف تقديره: ما يشاؤونه ويشتهونه والجملة الاسمية في محل النصب حال ثانية من مفعول ﴿يَدْخُلُونَهَا﴾.


والجملة صلة الموصول، ﴿لَوْ شَاءَ اللَّهُ﴾ إلى قوله: ﴿كَذَلِكَ﴾ مقول محكي لـ ﴿قالوا﴾ ، وإن شئت قلت: ﴿لَوْ﴾ : حرف شرط ﴿شَاءَ اللَّهُ﴾ : فعل وفاعل، والجملة فعل شرط لـ ﴿لَوْ﴾ ، ﴿مَا﴾ : نافية، ﴿عَبَدْنَا﴾ : فعل وفاعل، ﴿مِنْ دُونِهِ﴾ : حال من ﴿شَيْءٍ﴾ لأنه صفة نكرة قدمت عليها، ﴿مِنْ شَيْءٍ﴾ : مفعول ﴿عَبَدْنَا﴾ ، و ﴿مِن﴾ زائدة وجملة ﴿عَبَدْنَا﴾ جواب ﴿لَوْ﴾ الشرطية، وجملة ﴿لَوْ﴾ الشرطية في محل النصب مقول ﴿قال﴾. فأقول لك: هل على الرسل، ﴿هَلْ﴾ ؛ حرف استفهام، للاستفهام الإنكاري، ﴿عَلَى الرُّسُلِ﴾ : جار ومجرور خبر مقدم، ﴿إِلَّا﴾ : أداة استثناء مفرغ، ﴿الْبَلَاغُ﴾ : مبتدأ مؤخر، ﴿المبين﴾ : صفة لـ ﴿الْبَلَاغُ﴾ والجملة الاستفهامية في محل النصب مقولٌ لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة. متعلق بـ ﴿بَعَثْنَا﴾. فأقول لك: منهم مَنْ هدى الله، ﴿منهم﴾ : جار ومجرور خبر مقدم، ﴿مَنْ﴾ : نكرة موصوفة كما في "العكبري" أو موصولة في محل الرفع مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية في محل النصب مقولٌ لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة، ﴿هَدَى اللَّهُ﴾ : فعل وفاعل، والجله صفة لـ ﴿مَنْ﴾ المَوْصُوفةِ، أو صلة ﴿مَنْ﴾ الموصولة، والعائد أو الرابط محذوف تقديره: من هداهم الله، ﴿وَمِنْهُمْ﴾ : خبر مقدم، ﴿مَنْ﴾ : اسم موصول مبتدأ مؤخر، والجملة الاسمية في محل النصب معطوفة على الجملة التي قبلها ﴿حَقَّتْ﴾ : فعل ماض، ﴿عَلَيْهِ﴾ : متعلق به، ﴿الضَّلَالَةُ﴾ : فاعل، والجملة صلة لـ ﴿مَنْ﴾ أو صفة لها.


فأقول لكم ﴿سيْروا﴾ : فعل وفاعل، ﴿فِي الْأَرْضِ﴾ : متعلق بـ ﴿سيروا﴾ ، والجملة في محل النصب مقول لجواب إذا المقدرة، وجملة إذا المقدرة مستأنفة، ﴿فَانْظُرُوا﴾ : ﴿الفاء﴾ : حرف عطف وتعقيب، ﴿انظروا﴾ : فعل وفاعل معطوف على ﴿سيروا﴾ ، ﴿كَيْفَ﴾ : اسم استفهام في محل النصب خبر ﴿كَانَ﴾ مقدم عليها، وهي معلقة لـ ﴿انظروا﴾ عن العمل فيما بعده، ﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ﴾ فعل ناقص واسمه ومضاف إليه، وجملة ﴿كَانَ﴾ في محل النصب مفعول ﴿انظروا﴾. لـ ﴿وَعْدًا﴾ ، ﴿وَلَكِنَّ﴾ ﴿الواو﴾ عاطفة ﴿لكن﴾ : حرف نصب واستدراك، ﴿أَكْثَرَ النَّاسِ﴾ : اسمها، وجملة ﴿لَا يَعْلَمُونَ﴾ في محل الرفع خبر ﴿لكن﴾ ، والجملة الاستدراكية معطوفة على الجملة الجوابية المحذوفة. الشيء، والجملة في محل النصب مقولٌ لـ ﴿قُلْ﴾ وجملة ﴿نَقُولَ﴾ مع ﴿أَنْ﴾ المصدرية في تأويل مصدر مرفوع على الخبرية، تقديره: إنما قولنا لشيء وقت إرادتنا إياه قولنا له كن، والجملة الاسمية مستأنفة، ﴿فَيَكُونُ﴾ ﴿الفاء﴾ : عاطفة، ﴿يكون﴾ فعل مضارع تام، وفاعله ضمير يعود على ﴿شيء﴾ ، والجملة الفعلية معطوفة على جملة مقدرة تدل عليها الفاء، تقديره: فنقول ذلك فيكون، ويجوز أن يكون جوابًا لشرط محذوف، تقديره: فإذا قلنا ذلك فهو يكون، كذا في "الفتوحات" وغيرها، والله أعلم.


التصريف ومفردات اللغة ﴿أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ﴾ الأساطير جمع أسطورة، كأحاديث جمع أُحدوثة، وأضاحيك جمع أضحوكة، وأعجايب جمع أعجوبة، وأراجيح جمع أرجوحة، وهي الأكاذيب والأباطل والترهات، وقال في "القاموس": الأساطير الأحاديث التي لا نظام لها، جمع إسطار وإسطير بكسرهما وأسطور، وبالهاء في الكل اهـ. وأصل الخزي ذل يستحي منه، وأصل ﴿تُشَاقُّونَ﴾ تشاققون بوزن تفاعلون، ﴿فَأَلْقَوُا السَّلَمَ﴾ والسلم بالتحريك الاستسلام؛ أي: فيلقون الاستسلام والانقياد في الآخرة حين عاينوا العذاب، ويتركون المشاقة، ﴿بَلَى﴾ : حرف يجاب به لإثبات ما بعد النفي. وفي "السمين": قرأ العامة: ﴿إِنْ تَحْرِصْ﴾ بكسر الراء مضارع حرص بفتحها، وهي اللغة العالية لغة الحجاز، وقرأ الحسن: ﴿تَحْرص﴾ بفتح الراء مضارع حرص بكسرها وهي لغة لبعضهم اهـ.


البلاغة وقد تضمنت هذه الآيات ضروبًا من البلاغة، وأنواعًا من الفصاحة والبيان والبديع: فمنها: جناس الاشتقاق بين ﴿أَوْزَارَهُمْ﴾ وبين ﴿يَزِرُونَ﴾. ومنها: الاستعارة التمثيلية في قوله: ﴿قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ ٢٦ ﴾ شبهت حال أولئك الماكرين بحال قوم بنوا بنيانًا شديد الدعائم فانهدم ذلك البنيان، وسقط عليهم فأهلكهم، بطريق الاستعارة التمثيلية، ووجه الشبه أن ما عدوه سببًا لبقائهم عاد سببًا لفنائهم، كقولهم: من حفر حفرة لأخيه سقط فيها. ومنها: القصر في قوله: ﴿إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ وهو قصر للجنس الادعائي، كأن ما يكون من الذل - وهو العذاب - لعصاة المؤمنين لعدم بقائه ليس من ذلك الجنس. ومنها: الإيجاز بالحذف في قوله: ﴿قَالُوا خَيْرًا﴾ ؛ أي: قالوا: أنزل خيرًا.


ومنها: الجناس المغاير بين ﴿أحسنوا﴾ و ﴿حسنة﴾ في قوله: ﴿لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ﴾. ومنها: الطباق بين الدنيا والآخرة. ومنها: الجناس أيضًا بين ﴿اتَّقَوْا﴾ و ﴿الْمُتَّقِينَ﴾ في هذه الآية. ومنها: المجاز المرسل في قوله: ﴿فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا﴾ ؛ أي: جزية أعمالهم السيئة على طريقة تسمية المسبب باسم سببه، إيذانًا بفظاعته، لا على حذف مضاف، فإنه يوهم أنَّ لهم أعمالًا غير سيئاتهم، ذكره في "روح البيان". ومنها: الإطناب في قوله: ﴿مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ ﴿وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ﴾. ومنها: الطباق في قوله: ﴿هَدَى اللَّهُ﴾ و ﴿حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ﴾ ، وفي قوله: ﴿لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ﴾. ومنها: الاستعارة التصريحية في قوله: ﴿لِيَحْمِلُوا أَوْزَارَهُمْ﴾ لأن الأوزار حقيقة في الأحمال الثقيلة، فاستعاره للآثام. ومنها: الكناية في قوله: ﴿فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ﴾ لأنه كناية عن إرادة تخريبه. ومنها: التأكيد في قوله: ﴿مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ لأن السقف لا يخرُّ إلا من فوق. ومنها: المقابلة بين قوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ﴾ وبين قوله: ﴿وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ﴾.


ومنها: الجناس المماثل بين قوله: ﴿مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ﴾ وبين قوله: ﴿بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ ، وفي قوله: ﴿وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾. ومنها: التشبيه في قوله: ﴿كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾. ومنها: المجاز في قوله: ﴿أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ لأنه مجاز عن سرعة الإيجاد وسهولته على الله، وتمثيل الغائب، وهو تأثير قدرته في المراد بالشاهد، وهو أمر المطاع للمطيع في حصول المأمور به من غير امتناعٍ وتوقف، ولا افتقارٍ إلى مزاولة عمل، واستعمال آلة، وليس هناك قول ولا مقول له، ولا آمرٌ ولا مأمور، حتى يقال إنه يلزم أحد المحالين: إما خطاب المعدوم، أو تحصيل الحاصل. ومنها: الزيادة والحذف في عدة مواضع. المناسبة قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ قبلهما: أن الله سبحانه وتعالى لما حكى ١ أن الكفار أقسموا بالله جهد أيمانهم على إنكار البعث والقيامة، وتمادوا في الغيِّ والضلالة ومن هذه حالة فليس بالعسير عليه أن يقدم على إيذاء المؤمنين بألوان من الإيذاء، حتى يضطروهم إلى الهجرة من الديار، ومفارقة الأهل والأوطان.. ذكر هنا حكم تلك الهجرة، وبين ما لهؤلاء المهاجرين من حسناتٍ في الدنيا، وأجرٍ في الآخرة، من جزاء أنهم فارقوا أوطانهم، وصبروا وتوكلوا على الله سبحانه وتعالى، وفي هذا ترغيب لغيرهم في الهجرة، واحتمال كل أذى في سبيل الله احتسابًا للأجر.


وقال ابن عطية ٢ : لما ذكر الله كفار مكة الذين أقسموا بالله بأنَّ الله لا يبعث من يموت، ورد على قولهم.. ذكر مؤمني مكة المعاصرين لهم، وهم الذين هاجروا إلى أرض الحبشة، هذا قول الجمهور، وهو الصحيح في سبب الآية، لأن هجرة المدينة ما كانت إلا بعد وقت نزول الآية انتهى، والظاهر أن الذين هاجروا عام في المهاجرين كائنًا ما كانوا فيشمل أولهم وآخرهم. قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ أردف ذلك بشبهة أخرى لهم، إذ قالوا: هب الله أرسل رسولًا، فليس من الجائز أن يكون بشرًا، فالله أعلى وأجل من أن يكون رسوله واحدًا من البشر، فلو بعث إلينا رسولًا لبعثه ملكًا، ثم أجاب عن هذه الشبهة: بأن سنة الله أن يبعث رسله من البشر، وإن كنتم في شكٍّ من ذلك فاسألوا أهل الكتاب عن ذلك، ثم هدّدهم أن يخسف بهم الأرض كما خسف بقارون، أو يأتيهم بعذاب من السماء فيهلكهم بغتة كما فعل بقوم لوط، أو يأخذهم وهم يتقلبون في أسفارهم ومعايشهم، أو ١ المراغي. يأخذهم طائفة بعد أخرى، ثم أعقب هذا بما يدل على كمال قدرته في تدبير أحوال العالم العلوي والسفلي على أتمِّ نظام، وأحكم تقدير.


قوله تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ ذكر تعالى طواعية ما خلق من غيرهم، وخضوعه ضد حال الماكرين لينبههم على أنه ينبغي بل يجب عليهم أن يكونوا طائعين منقادين لأمره. قوله تعالى: ﴿وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ أتبع ذلك بالنهي عن الشرك به، وبين أن كل ما سواه فهو ملكه، وأنه مصدر النعم كلِّها، وأن الإنسان يتضرع إليه إذا مسه التفسير، فإذا كشفه عنه.. رجع إلى كفره، وأنَّ الحياة الدنيا قصيرة الأمد، ثم يعلم الكفار بعدئذٍ ما يحل بهم من النكال والوبال جزاءً لهم على سيء أعمالهم، وقبيح أقوالهم، وعبارة أبي ٣ حيَّان: مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنه سبحانه وتعالى لما ذكر انقياد ما في السموات وما في الأرض لما يريده تعالى منها، فكان هو المتفرد بذلك..


نهى أن يشرك به، ودلَّ النهي عن اتخاذ إلهين على النهي عن اتخاذ آلهة، ولمَّا كان الاسم الموضوع للإفراد والتثنية قد يتجوز فيه، فيراد به الجنس، نحو: نعم الرجل زيدٌ، ونعم الرجلان الزيدان، أكد الموضوع لهما بالوصف، فقيل: إلهين اثنين، وقيل إلهٌ واحدٌ، ولمَّا نهى عن اتخاذ الإلهين واستلزم النهي عن اتخاذ آلهة.. أخبر تعالى أنه إله واحد، كما قال: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ بأداة الحصر، وبالتأكيد بالوحدة، ثم أمرهم بأن يرهبوه، والتفت من الغيبة إلى الحضور لأنه أبلغ في الرهبة. قوله تعالى: ﴿وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا أردف ذلك بذكر قبائح أفعالهم التي تمجها الأذواق السليمة. قوله تعالى: ﴿وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ بيّن تعالى أنه يُمهلهم ولا يعاجلهم بالعقوبة إظهارًا لفضله ورحمته.


وعبارة "المراغي": مناسبة هذه الآيات لما قبلها: أنه سبحانه وتعالى لما حكى ٣ عن المشركين عظيم كفرهم وقبيح أفعالهم.. بين هنا حلمه بخلقه مع ظلمهم، وأنه يمهلهم بالعقوبة إظهارًا لفضله ورحمته، ولو أخذهم بما كسبت أيديهم ما ترك على ظهر الأرض دابة، أما الظالم فبظلمه، وأما غيره فبشؤمه كما قال سبحانه: ﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً﴾ لكنه سبحانه يحلم ويستر وينظر إلى أجل مسمى، ثم سلى رسوله - ﷺ - على ما كان يناله من أذى عشيرته بأن قومه ليسوا ببدع في الأمم، فقد أرسلنا رسلًا إلى أمم من قبلك فكذبوهم، ذلك بهم أسوة، فلا يحزننك تكذيبهم، ولا تبخع نفسك عليهم أسى وحسرة. أسباب النزول قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ وقال ابن الجوزي ٥ : قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ﴾ اختلفوا فيمن نزلت فيه على ثلاثة أقوال: ١ المراغي.


أحدها: أنها نزلت في ستةٍ من أصحاب رسول الله - ﷺ -، بلال وعمار وصهيب وخباب بن الأرت وعابس وجبير موليان لقريش، أخذهم أهل مكة فجعلوا يعذبونهم ليردوهم عن الإِسلام، قاله أبو صالح عن ابن عباس. والثاني: أنها نزلت في أبي جندل بن سهيل بن عمرو، قاله داود بن أبي هند. والثالث: أنهم جميع المهاجرين أو أصحاب رسول الله - ﷺ -، قاله قتادة. قوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نزلت هذه الآية. قوله تعالى: ﴿وَقَالَ اللَّهُ لَا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ التفسير وأوجه القراءة ٤١ - ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا﴾ ؛ أي: فارقوا أهاليهم وديارهم وأوطانهم، من مكة إلى الحبشة أو إلى المدينة ﴿فِي اللَّهِ﴾ ؛ أي: في شأن الله ورضاه وفي حقه والتمكين من طاعته، وقيل: ﴿فِي﴾ بمعنى اللام مع حذف مضاف؛ أي: لإظهار دين الله ونصرته ﴿مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا﴾ وعذِّبوا وأُهينوا في مكة ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ﴾ ؛ أي: لننزلنهم ﴿فِي الدُّنْيَا﴾ تبوئةً ﴿حَسَنَةً﴾ ؛ أي: تنزيلًا طيبًا في أرض طيبة كريمة، فهو صفة لمصدر محذوف، أو مبأة حسنه ومنزلًا طيبًا، وهي المدينة المنورة حيث آواهم أهلها ونصروهم، يقال ٣ بوَّاه منزلًا أنزله، والمباءة المنزل، فهي منصوبة على الظرفية، أو على أنها مفعول ثان من كان لنبوئنهم بمعنى لنعطينهم، وهم ٤ ١ زاد المسير.


رسول الله - ﷺ - وأصحابه الذين أخرجهم أهل مكة من ديارهم، فهاجروا إلى الحبشة ثم إلى المدينة، وعلى هذا يكون نزول الآية في أصحاب الهجرتين، فيكون نزولها في المدينة بين الهجرتين، وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: نزلت هذه الآية في ستةٍ من الصحابة: صهيب وبلال وعمار وخبَّاب وعابس وجبير، أخذهم المشركون يعذبونهم ليرجعوا عن الإِسلام إلى الكفر، فأما بلال فيخرجونه إلى بطحاء مكة في شدة الحر، ويشدونه ويجعلون على صدره الحجارة، وهو يقول: أحد أحد، فاشتراه منهم أبو بكر وأعتقه، وأما صهيب فقال: أنا رجل كبير، من كنت معكم لم أنفعكم، وإن كنت عليكم.. لم أضركم فافتدى منهم وهاجر، وأما سائرهم فقد قالوا بعض ما أراد أهل مكة أو كلمة الكفر، فتركوا عذابهم ثم هاجروا، فبسبب هجرتهم ظهرت قوة الإِسلام، كما أن بنصرة الأنصار قويت شوكتهم، فلذلك غلبوا على أهل مكة وعلى العرب قاطبةً، وعلى أهل المشرق والمغرب، وعن عمر - رضي الله عنه - كان إذا أعطى رجلًا أو المهاجرين عطاءً قال: خذ بارك الله لك فيه، هذا ما وعدك الله في الدنيا، وما ادخر لك في الآخرة أكبر.


والمعنى: أي ١ والذين فارقوا قومهم ودورهم وأوطانهم وذهبوا إلى بلاد أخرى احتسابًا لأجر الله ونيلًا لمرضاته، أو بعد ما نالهم أو الكفار أو أذى في أنفسهم وأموالهم، لنسكننهم في الدنيا مساكن حية يرضونها، إذ هم لمَّا تركوا مساكنهم وأموالهم ابتغاء مرضاة الله.. عوَّضهم الله خيرًا منها في الدنيا، فمكَّن لهم في البلاد، وحكَّمهم في رقاب العباد، وصاروا أمراء وحكامًا، وكان كل منهم للمتقين إمامًا. ثم أخبر سبحانه أنَّ ثوابه لهم في الدار الآخرة أعظم مما أعطاهم في الدنيا، فقال: ﴿وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ﴾ المعد لهم في مقابلة الهجرة ﴿أَكْبَرُ﴾ مما يعجل لهم في الدنيا؛ أي: ولثواب الله إياهم على هجرتهم من أجله في الآخرة أكبر وأعظم من الأجر الكائن في الدنيا؛ لأنَّ ثوابه إياهم هنالك الجنة، التي لا يفنى ١ المراغي. إذا كانت لديك أية إضافة أو أي تقييم أو تجربة تريد أن تشاركها معنا حول مطعم تحابيش بالكويت فيسعدني تلقيها في قسم التعليقات أدناه. ساعات العمل في مطعم تحابيش: يفتتح المطعم طوال أيام الأسبوع من الحادية عشر صباحا إلى العاشرة مساءً الأربعاء: ١١:٠٠ صباحا — ١٠:٠٠ مساءً.


الخميس: ١١:٠٠ صباحا — ١٠:٠٠ مساءً. الجمعة: ١١:٠٠ صباحا — ١٠:٠٠ مساءً. السبت: ١١:٠٠ صباحا — ١٠:٠٠ مساءً. الأحد: ١١:٠٠ صباحا — ١٠:٠٠ مساءً. الإثنين: ١١:٠٠ صباحا — ١٠:٠٠ مساءً. الثلاثاء: ١١:٠٠ صباحا — ١٠:٠٠ مساءً. بعض آراء الزوار حول المطعم: لناس الذّواقة اللي تدوّر على أكل مصري شعبي، مطعم وايد حلو و رخيص، الطلب كان عباره عن كبدة أسكندراني مع طحين وحواوشي وعيش بالشعريه مع مرقة لوبيا ومعكرونة باشامل. الكبدة مالحة قليلا، العرايس شي قوي حييييل، والعيش رائع والمعكروونة جد حلوة مسوينها على الطريقة المصرية. الصاج المشوي نجران. السعر ٥ دينار مع التوصيل. ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ جيد جداا الأكل عندهم مصري شعبي فعلا جميل أوي الخبز السعر مناسب جدا، المطعم ينافس ارقي المطاعم في الأناقة والتجهيييز وجودة الأكل. ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ مطعم ممتاز لأكل الوصفات المصرية الأصيلة. أكثر من الكمال بسعر جد معقول، يقدم مجموعات مختلفة من الأطباق المصرية، جودة جيدة للغاية وأسعار رائعة في جو جميل ولطيف!



قائمة شبكة روايتي الثقافية. تسجيل الدخول تسجيل. ما الجديد البحث في كل مكان المواضيع هذا المنتدى هذا الموضوع. بحث بالعناوين فقط. بحث بحث متقدم…. المنتديات المشاركات الجديدة بحث بالمنتديات. ما الجديد المشاركات الجديدة جديد مشاركات الحائط آخر النشاطات. الأعضاء الزوار الحاليين مشاركات الحائط الجديدة البحث عن مشاركات الملف الشخصي. في كل مكان المواضيع هذا المنتدى هذا الموضوع. تصفيات بحث. المشاركات الجديدة. بحث بالمنتديات. شبكة روايتي الثقافية. الرئيسية المنتديات قسم الروايات منتدى الروايات والقصص المنقولة منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة. تم تعطيل الجافا سكربت. للحصول على تجربة أفضل، الرجاء تمكين الجافا سكربت في المتصفح الخاص بك قبل المتابعة. أنت تستخدم أحد المتصفحات القديمة. قد لا يتم عرض هذا الموقع أو المواقع الأخرى بشكل صحيح. يجب عليك ترقية متصفحك أو استخدام أحد المتصفحات البديلة. بادئ الموضوع فيتامين سي تاريخ البدء 23 ديسمبر فيتامين سي مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة.


إنضم 15 يونيو المشاركات 42, ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ يمكن ماتت امتنان ولا زاد عندها المرض ولا انــــت كــــل عمـــري فــــــــــداك انته ما خيبت ظنــــــــــــــــــــــــي والزمن يحلى معــــــــــــــــــــــاك والوفا كله وفـــــــــــــــــــــــــــاك انا احبك نواف:هلا والله بالزين كله نوره:بسم الله هلا نواف:شايفه جني نوره:ههههه لاماقصد نواف:تأخرت عليك نوره:لاعادي توى 6 ونص نواف :هههههههههههه رايحه فيها نوره:ليه؟. ربيعي ضحكة ازهـــاره حبيبي يا بعد كلي وكلك صدق تعجبنـــــــــــــــي بغيباتك وصداتك وتلويعك وتكــــــــــــــــــــراره تجنن كل ما اشوفك احس انك تذوبنـــــــــــــــي وتضيعني من الدنيا.. وتشب بخافقي نـــــــــاره جمالك ناهب قلبي وتفكيري وناهبنــــــــــــــــــي دلالك يارقيق العود.. عود تعزف اوتـــــــــــاره تولعت بتصانيفك.. يجب تسجيل الدخول أو التسجيل كي تتمكن من الرد هنا.


الروايات والمواضيع المتشابهه ل. لامارا 12 يوليو منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة. الردود 27 المشاهدات 16K. درة الاحساء 27 أبريل منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة. الردود 60 المشاهدات 25K. الردود 32 المشاهدات 13K. لامارا 10 يوليو منتدى الروايات الطويلة المنقولة الخليجية المكتملة. الردود 53 المشاهدات K. الردود 14 المشاهدات 20K. شارك: فيسبوك تويتر Reddit Pinterest Tumblr WhatsApp البريد الإلكتروني شارك الرابط. تسجيل الدخول. تثبيت التطبيق. المنتديات ما الجديد تسجيل الدخول تسجيل البحث.



الصاج المشوي نجران: إذا كانت س = ٢/٥، ص = ١/٣ فما قيمة س - ص - المساعد الثقافي,

Webفلس وربع‎ فلس وربع ‎ ‎ طويريج حي ابو جوعانه ‎ adlı yerdədir. 25 Mart · Al Hindiyah, Babil, İraq · �� كًلُ مًاّهْوٰ ّجٌدُيِدّ ���� فًيُ مجمع فلس وربع لعبه الصبارة ���� السعر 8, دينار فقط ������ �� تِتُوّفُرً خُدِمّهً تِوّصٌيْلّ �� �� عِنّ طِرًيّق اّرِسًاًلْ رُسّاِلهُ اُلّى اُلًبِيِجً اُوّ لُلًاِسُتًفِسُاًر اُكّثًرً اًلاِتصاِل عُلُىّ اُلرُقّمِ Webفلس وربع للهــدايــا والمنزلية رمضان ويانه غير شكل أسعدالله اوقـاتـكـم مـتابـعيـناألاعــزاء #مستمررررررين_وياكم_ رمضانيات مجمع جنة الاسعار طويريج. مجمع البيت Web刺كًلُ مًاّهْوٰ ّجٌدُيِدّ刺刺فًيُ مجمع فلس وربع نفاظة ارنب السعر دينار فقط تِتُوّفُرً خُدِمّهً تِوّصٌيْلّ 刺عِنّ طِرًيّق اّرِسًاًلْ رُسّاِلهُ اُلّى اُلًبِيِجً اُوّ لُلًاِسُتًفِسُاًر Web‎فلس وربع‎ is at ‎طويريج حي ابو جوعانه‎. 16 March· Al Hindiyah, Iraq· ��كًلُ مًاّهْوٰ ّجٌدُيِدّ����فًيُ مجمع فلس وربع �� ملاعق نوتيلا���� السعر 1, دينار فقط ��تِتُوّفُرً خُدِمّهً تِوّصٌيْلّ �� ��عِنّ طِرًيّق Web刺كًلُ مًاّهْوٰ ّجٌدُيِدّ刺刺فًيُ مجمع فلس وربع 刺 محار ديكور للحواض السعر 1، دينار فقط الجيس تِتُوّفُرً خُدِمّهً تِوّصٌيْلّ 刺عِنّ طِرًيّق اّرِسًاًلْ رُسّاِلهُ اُلّى اُلًبِيِجً اُوّ WebK views, 67 likes, 1 loves, 9 comments, 15 shares, Facebook Watch Videos from فلس وربع: 刺كًلُ مًاّهْوٰ ّجٌدُيِدّ刺刺فًيُ مجمع فلس وربع 刺 تعلاكة ملابس ظغط السعر دينار فقط ‍♂️ ‍♀️ ... read more



فلمكني هولندية Nederlands. قال كعب الأحبار: لما أهبط الله تعالى آدم عليه السلام.. ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ إذا كنت تحب الطعام المصري الشعبي اللذيذ يجب أن تقوم بزيارة هذا المطعم الرائع سوف تحبه، أنا أوصى به أفضل مطعم للطبخ المنزلي المصري في المدينة، أطباق ضخمة ورخيصة الثمن. والمعنى: أي ١ إنا إذا أردنا أن نبعث من يموت. يقال: نطف رأسه ماء؛ أي: قطر وقيل هي الماء الصافي، ويعبر بها عن ماء الرجل، اهـ "سمين".



أن الحساب كان إذا بلغ عددًا وضعت له حصاة، ثم استؤنف العدد. لقدر على ذلك، فالمعنى: إنما إيجادنا لشيء عند تعلق إرادتنا به أن نوجده في أسرع ما يكون، وقرأ ابن كثير ونافع وعاصم وأبو عمرو وحمزة ﴿فَيَكُونُ﴾ رفعًا، وكذلك في كل القرآن، وقرأ ابن عامر والكسائي: مجمع فلس وربع طويريج نصبًا، قال مكيٌّ بن إبراهيم: من رفع قطعه عما قبله, مجمع فلس وربع طويريج. قاموا، فنزلت ﴿فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ﴾. بحث بالعناوين فقط. أتبع ذلك بالنهي عن الشرك به، وبين أن كل ما سواه فهو ملكه، وأنه مصدر النعم كلِّها، وأن الإنسان يتضرع إليه إذا مسه التفسير، فإذا كشفه عنه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة

إجمالي مرات مشاهدة الصفحة